الاثنين، 12 نونبر 2012

نيني: "شوف تشوف" سيستمر مادمتُ على قيد الحرية


في هذا الحوار مع هسبريس يتحدث الصحفي رشيد نيني مدير نشر يومية "الأخبار"، التي سيظهر عددها الأول في الأكشاك ابتداء من 17 نونبر الجاري، عن تجربته الخاصة في السجن وتداعيات سنة كاملة وراء القضبان عليه كإنسان وعلى محيطه القريب.
ابن مدينة بن سليمان، البالغ من العمر 42 سنة، قضى فترة مهاجرا سريا في إسبانيا، وعاد منها بكتابه "يوميات مهاجر سري"، ومحملا بتجربة إنسانية فريدة.. كما كان مقدما لبرنامج "نوستالجيا" بالقناة الثانية، وكاتب عمود في صحيفة الصباح.
أسس نيني في شتنبر 2006 يومية "المساء"، التي ظل مدير نشرها وكاتب أشهر عمود ساخر فيها إلى غاية 28 أبريل 2011، حيث تم اعتقاله والحكم عليه بسنة من السجن النافذ، ليعانق الحرية في 28 أبريل 2012 بعدما قضى فترة الحكم عليه كاملة.
أستاذ رشيد، لقد انتهت ''استراحة المحارب'' الاضطرارية والاختيارية، ماذا تحملون الآن إلى القراء في مشروعكم الصحفي الجديد؟
نحمل همَّ ومسؤولية الإخبار أولا وأخيرا، إذ أن مهمة الصحافي الأساسية هي هذه بالضبط؛ أن يخبر الرأي العام بما يحدث ويقع. وبالإضافة إلى الإخبار نحمل للقراء الجديد على مستوى المواضيع والزوايا والملفات والتحقيقات التي تستجيب لتطلعات وهموم القراء، وحاجتهم للترفيه والسخرية الهادفة بالإضافة إلى التثقيف والتوعية.
بماذا تختلف يومية ''الأخبار'' عن مشاريعك الصحفية السابقة؟
"الأخبار" ستكون أكثر تنوعا وانفتاحا على جميع الحساسيات الفكرية والسياسية والثقافية التي تروج داخل المجتمع المغربي والعربي والدولي، كما ستكون مركزة حول التحقيقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ونطمح من خلال "الأخبار" إلى الانتقال من الجريدة المحلية إلى الجريدة الدولية التي تعكس خارج حدود الوطن غنى وتنوع التجربة الصحافية المغربية، ومدى عمق الحراك الفكري والسياسي والاقتصادي الذي يشهده المغرب دون أن نرى له انعكاسا على الساحة العربية.
ماذا عن الخط التحريري لليومية؟
الاستقلالية ثم الاستقلالية ثم الاستقلالية. لكن الاستقلالية لا تعني الحياد، نعم نحن مستقلون لكننا لسنا محايدين عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الكرامة والعدل والحرية لنا كما للآخرين.
وشوف تشوف؟
ستكون في مكانها المعتاد طبعا، كل يوم، مادمت على قيد الحرية.
كتبتم كثيرا عن الفساد وعن رؤوس الفساد ورموزه، والنتيجة سُجنتم وظل المفسدون طلقاء، هل ما تزالون تؤمنون بمهنة اسمها الصحافة في هذا البلد؟
لست متفقا معك، كثيرون ممن كتبت عنهم يوجدون وراء القضبان، والمدهش أن بعضهم يتعرض اليوم لسلخ حقيقي من طرف بعض من كانوا يلمعون صورهم بالأمس. إنه لمن الجبن أن تطلق الرصاص على سيارة إسعاف، كما أنه من النذالة أن تركل جثة طالما أدمنت لعق أحذيتها عندما كانت على قيد الحياة. لذلك فأنا لا أومن فقط بمهنة اسمها الصحافة، بل أومن بضرورة ممارسة هذه المهنة بصدق وأمانة، عوض اعتبارها وسيلة لجمع المال واستثماره في العقار والأراضي. من يبحث عن الثروة يجب أن يترك مهنة الصحافة ويبحث له عن مهنة أخرى.
قال صنع الله إبراهيم :"السجن جامعتي، فيه عايشت القهر والموت، تعلمت الكثير عن عالمه الداخلي وحيواته المتنوعة، ومارستُ الاستبطان والتأمل، وقرأت في مجالات متباينة وفيه قررت أن أكون كاتبا". أنت كاتب قبل أن تدخل تجربة السجن، لكن هل هناك مسافة بين رشيد نيني قبل السجن وبعده؟ أو هل تغير شيء في رشيد نيني بعد سنة وراء القضبان؟
عندما تدخل السجن فأنت تغادره شخصا آخر. وكل من لم يغيره السجن لما تبقى من حياته فهو شخص غير طبيعي ويجدر به أن يراجع طبيبا نفسيا. والسجن لا يغيرك وحدك، بل يغير عائلتك وأصدقاءك المخلصين، لأنهم بدورهم يكتشفون لؤم بعض من كانوا يعتقدون أنهم بشر، فإذا بهم ذئاب متلفعة في صوف حملان.
تعلمت، مثلما حصل مع صنع الله إبراهيم وكتاب وصحافيين آخرين غيره، الشيء الكثير وراء القضبان. لقد كانت سنة مركزة في ظروف اعتقال جد استثنائية، أي ما يعادل سنتين أو ثلاثة في السجن العادي. لذلك فقد كان السجن أكاديمية امتحنت فيها في مادة واحدة هي الصبر، وأعتقد أنني نجحت بامتياز. والفضل يعود إلى مساندة عائلتي وأصدقائي وكل شرفاء هذا الوطن. ومثلما وجدتهم بجانبي في هذه المحنة فإنني أعاهدهم على البقاء إلى جانبهم ما حييت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق